الإمام الشافعيكان
الشافعي -رحمه الله- إمامًا في الاجتهاد والفقه، كذلك كان إمامًا في
الإيمان والتقوى والورع والعبادة؛ فعن الربيع قال: كان الشافعي قد جزَّأ
الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث
ينام.وكان -رحمه الله- لا يقرأ قرآنًا بالليل إلا في صلاة؛ يقول
المزني: ما رأيت الشافعي قرأ قرآنًا قط بالليل إلا وهو في الصلاة. ووُصِفَ
الشافعي -رحمه الله- أيضًا بالحكمة، كما وُصِفَ بالكرم والسخاء، وغير ذلك
من جميل الأخلاق وحسن السجايا.وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة.عبد الله بن عمركان
ابن عمر لا يفطر في رمضان إلا مع اليتامى والمساكين، وربما لا يفطر إذا
علم أن أهله قد ردُّوهم عنه في تلك الليلة. وكان من ذوي الدخول الرغيدة
الحسنة؛ إذ كان تاجرًا أمينًا ناجحًا، وكان راتبه من بيت مال المسلمين
وفيرًا، ولكنه لم يدخر هذا العطاء لنفسه قَطُّ، إنما كان يُرسِله إلى
الفقراء والمساكين والسائلين، فقد رآه "أيوب بن وائل الراسبي" وقد جاءه
أربعة آلاف درهم وقطيفة[1]، وفي اليوم التالي رآه في السوق يشتري لراحلته
علفًا بالدَّيْن، فذهب أيوب بن وائل إلى أهل بيت عبد الله وسألهم، فأخبروه:
إنه لم يبِتْ بالأمس حتى فَرَّقَهَا جميعًا، ثم أخذ القطيفة وألقاها على
ظهره وخرج، ثم عاد وليست معه، فسألناه عنها فقال: إنه وهبها لفقير.قتادة السدوسيقتادة
بن دعامة السدوسي يُكنَّى أبا الخطاب، بصري تابعي ثقة، ولد سنة ستين من
الهجرة، وكان ضرير البصر، عَدَّهُ أصحاب الطبقات من "الطبقة الرابعة"، وكان
يختم القرآن في كل سبعٍ دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاثٍ، وفي العشر الأواخر
في كل ليلة. ومات بواسط سنة 117هـ، وهو ابن سِتٍّ وخمسين سنة.الإمام الزهريمحمد
بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري (58- 124هـ)، من بني زهرة بن كلاب، من
قريش، أوَّل من دوَّن الحديث، وأحد أكابر الحفَّاظ والفقهاء، تابعيٌّ من
أهل المدينة. كان يحفظ ألفين ومائتي حديث، نصفها مسند[2].وعن أبى الزناد: كنا نطوف مع الزهري ومعه الألواح والصحف؛ ليكتب كل ما يسمع.نزل الشام واستقر بها، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عُمَّالِه: عليكم بابن شهاب؛ فإنكم لا تجدون أحدًا أعلم بالسنة الماضية منه.وكان الزهري إذا دخل رمضان يَفِرُّ من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويُقبِل على تلاوة القرآن من المصحف.سفيان الثوريسفيان
بن سعيد الثوري (97- 161هـ) أمير المؤمنين في الحديث.. كان سيِّد أهل
زمانه في علوم الدين والتقوى، وُلد ونشأ في الكوفة، وراوده المنصور
العباسيّ على أن يلي الحكم، فأبى، وخرج من الكوفة (سنة 144هـ)، فسكن مكة
والمدينة، ثم طلبه المهديّ، فتوارى، وانتقل إلى البصرة فمات فيها
مستخفيًا[3]. وكان سفيان إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة
القرآن.