حرص السلف على إخفاء
أعمالهم؛ خوفًا على أنفسهم.. فهذا التابعي الجليل أيوب السختياني يحدث عنه
حماد بن زيد فيقول: "كان أيوب ربما حدَّث بالحديث فيرقّ، فيلتفت فيتمخط
ويقول: ما أشد الزكام؟ يُظهِر أنه مزكوم لإخفاء البكاء".وعن محمد بن
واسع قال: "لقد أدركت رجالاً كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة
وقد بلَّ ما تحت خده من دموعه، لا تشعر به امرأته. ولقد أدركت رجالاً يقوم
أحدهم في الصف، فتسيل دموعه على خده ولا يشعر به الذي جنبه".وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله فيخفي ذلك، فإذا كان عند الصباح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة.وعن
ابن أبي عدي قال: "صام داود بن أبي هند أربعين سنةً لا يعلم به أهله، وكان
خرازًا يحمل معه غذاءه من عندهم فيتصدق به في الطريق، ويرجع عشيًّا فيفطر
معهم".قال سفيان الثوري: "بلغني أن العبد يعمل العمل سرًّا، فلا
يزال به الشيطان حتى يغلبه، فيُكتب في العلانية، ثم لا يزال به الشيطان حتى
يحبَّ أن يُحمد عليه، فيُنسخ من العلانية فيثبت في الرياء".