لا تزال قضية عمل المرأة, وخروجها من بيتها وقرارها الشغل الشاغل لليهود والنصارى, من سار بركبهم, آخذين في سبيل تحقيق أهدافهم أساليب كثيرة, ومن هذه الأساليب إثارة الشبهات في الدين الإسلامي, و أصوله.
و لعل من أهم تلك الشبهات هي:
· أن منع المرأة من العمل أو تضييقها في أضيق نطاق هو من الثقافة الاجتماعية السائدة في كثير من البلاد الإسلامية, و التي تؤدي إلى تعطيل قوة كبيرة من المجتمع, و من الظلم أن تبقى الإناث فارغات اليد من العمل, عاطلات عن الكسب في البلاد الإسلامية، التي هي بحاجة إلى تجنيد كل طاقاتها من الرجال و النساء، لبناء مجتمع الرفاهية والرخاء.
· أن من حق المرأة أن تعمل وتتكسب من أي مهنة شاءت كما يفعل الرجل، طالما أن ذلك نابع من رغبتها, و كان لها قدرات على العطاء و الإنتاج, ولا تقل عن الرجل في أي شيء, كما أن منعها من العمل لا يواكب روح العصر و متطلباته, حيث تقضي ظروف المعيشة الراقية أن تباح للمرأة كافة صنوف الأعمال التي ترغب فيها.
· أن عمل المرأة ينمي الاقتصاد الوطني خصوصا عندما تحل المرأة الوطنية محل الأيدي العاملة الأجنبية, فتصبح منتجة لا مستهلكة فقط.
وللرد على هذه الشبهات و غيرها نبسط القول في عمل المرأة في ضوء الشريعة الإسلامية.
فالشريعة الإسلامية – كقاعدة عامة - لا تمنع أحداً من العمل و التكسب, و لكنها تضع الحدود والضوابط التي تلائم و تفيد المجتمع وأفراده.
ذلك أن الإسلام قد قسم الأدوار بين المرأة والرجل تقسيما عادلا فريدا لبناء أسرة سليمة تسعد في الدارين, فالرجل هو المسؤول عن نفقة أفراد أسرته و تأمين احتياجاتهم, فهو يتولى شؤون المنزل الخارجية, و يقع على المرأة مسؤولية العناية بالبيت, و الزوج و الأولاد, و توفير الراحة و الحنان و تربية الأولاد.
و حيث إن المجتمع الإسلامي و المرأة المسلمة قد تحتاج إلى قيام المرأة ببعض الأعمال و المهام على سبيل الضرورة, كأن تعمل معلمة لتعليم بنات جنسها, و طبيبة لمعالجة و تطبيب الإناث, أو أن تعمل بأي عمل يفيد المجتمع وبنات جنسها، فقد أباح لها الإسلام ذلك مع مراعاة الضوابط الشرعية و التي من أهمها :
ألا يكون لعمل المرأة تأثير سلبي على حياتها العائلية:
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "ألا كلكم راع, وكلكم مسؤول عن رعيته, فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته, و الرجل راع على أهل بيته, و هو مسؤول عنهم, و المرأة راعية على بيت بعلها وولده و هي مسؤولة عنهم, والعبد راع على مال سيده, و هو مسؤول عنه ألا فكلكم راع, و كلكم مسؤول عن رعيته".
ذلك أن المرأة راعية لبيتها, ولأولادها فإن كان في عملها خارج بيتها مضيعة للأولاد, و تقصير بحق الزوج, فإن عملها محرم للفساد الذي ينتج عنه. قال الشيخ ابن باز عليه رحمة الله: "إن كان عمل المرأة بعيدا عن الرجال, ولكن كان فيه مضيعة للأولاد, و تقصير بحق الزوج من غير اضطرار شرعي لذلك فإنه يكون محرما, لأن ذلك خروج عن الوظيفة الطبيعية, وتعطيل للمهمة الخطيرة التي عليها القيام بها, مما ينتج عنه سوء بناء الأجيال, و تفكك عرى الأسرة التي تقوم على التعاون, و التكافل".
· ألا تعمل عملاً فيه محذور شرعي, كالتبرج أو الاختلاط أو الخلوة:
لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً {(الأحزاب/59) عن أم عطية قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه, وسلم أن نخرجهن في الفطر, والأضحى العواتق, والحيض وذوات الخدور. فأما الحيض فيعتزلن الصلاة, و يشهدن الخير, و دعوة المسلمين, قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب, قال: لتلبسها أختها من جلبابها .
فالرسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر جميع المسلمات أن يلبسن الحجاب إن أردن الخروج, و عند عدمه لا يمكنها أن تخرج.
ولقوله عليه الصلاة و السلام: "إياكم, والدخول على النساء, فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو, قال الحمو الموت".
عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ"لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ وَلَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ "( واللفظ لمسلم )
ففي هذه الأحاديث, وغيرها تصريح بعدم إجازة الدخول على النساء, وبعدم الخلوة مع المرأة الأجنبية إلا مع ذي محرم حفاظا على الأعراض, ووقاية من القيل و القال و الفتن.
· ألا يؤثر عملها على عمل الرجال, كأن تكون سببا في قطع رزقهم:
فالمرأة قد تقبل أن تعمل بأجر زهيد، على عكس الرجل الذي يعيش هو ومن تحت جناحيه من هذا العمل, مما يؤدي إلى انتشار البطالة, و تفاقمها في صفوف الرجال.
لقوله تعالى:{الرجال قوامون على النساء{ (سورة النساء/34).
و لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا ضرر و لا ضرار في الإسلام".
قال ابن عبد البر معنى لا ضرر: "لا يدخل على أحد ضرر لم يدخله على نفسه, و معنى لا ضرار لا يضار أحد بأحد".
و قال الخشني: "الضرر الذي لك فيه منفعة, و على جارك فيه مضرة, و الضرار الذي ليس لك فيه منفعة, و على جارك فيه المضرة" .
فالمرأة عندما تعمل دون ضوابط شرعية تجلب منفعة لنفسها لا تتناسب مع المضرة التي تلحقها بغيرها إن سلمنا أن في ذلك منفعة لها, بل ربما تجلب من جراء عملها الضرر والمضرة لها, ولغيرها. إذا لم تراع الضوابط الشرعية التي وضعها العلماء المعتبرون.
· أن يتوافق عملها, وطبيعتها الأنثوية:
فقد أثبتت الدراسات الطبية أن كيان المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله تعالى على هيئة تخالف تكوين الرجل, و قد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفة الأمومة ملائمة كاملة, كما أن نفسيتها قد هيئت لتكون ربة أسرة, و سيدة بيت, و قد كان لخروج المرأة إلى العمل وتركها بيتها, وأسرتها نتائج فادحة في كل مجال.
ذكر تقرير للصحة العالمية: "أن كل طفل مولود يحتاج إلى رعاية أمه المتواصلة لمدة ثلاث سنوات على الأقل. وأن فقدان هذه الغاية يؤدي إلى اختلال الشخصية لدى الطفل، كما يؤدي إلى انتشار جرائم العنف المنتشر بصورة مريعة في المجتمعات الغربية، وطالبت هذه الهيئة الموقرة بتفريغ المرأة للمنزل, و طلبت من جميع حكومات العالم أن تفرغ المرأة, وتدفع لها راتبا شهريا إذا لم يكن لها من يعولها، حتى تستطيع أن تقوم بالرعاية الكاملة لأطفالها".
و قد أثبتت الدراسات الطبية, و النفسية أن المحاضن, و روضات الأطفال لا تستطيع القيام بدور الأم في التربية و لا في إعطاء الطفل الحنان الدافق الذي تغذيه به.
ارجو من اعضاء المنتدى ان يعطونى ارائهم فى عمل المرأه من وجهه نظره الشخصيه
وجزاكم الله خير الجزاء